الثلاثاء، 21 فبراير 2017

بريطانيا العظمى ترفض طلب الدولة العثمانية القيام بعمل عسكري مشترك ضد مملكة المنتفق (عام 1769م – 1183هـ).

في سنة 1769م رفضت بريطانيا العظمى طلب الدولة العثمانية القيام بعمل عسكري مشترك ضد مملكة المنتفق وحكامها أسرة السعدون (الأشراف). حيث رفض الوكيل البريطاني المستر مور الطلب المقدم من والي بغداد عمر باشا في حدث نادر في تاريخ العراق. وكان العمل العسكري المشترك الذي طلبه العثمانيين يتمثل بإستخدام المدفعية التي تحملها السفن البريطانية الكبيرة لتوجيه ضربات وقصف مدفعي على مدن وقرى مملكة المنتفق على طول نهر الفرات أثناء تحرك القوات العثمانية بريا ... كان حاكم مملكة المنتفق وشيخ مشايخ قبائل تحالف المنتفق القبلي في تلك الفترة هو الأمير الشريف عبدالله بن محمد بن مانع آل شبيب (أخو الأمير الشريف سعدون بن محمد الذي أشتهرت بإسمه الأسرة الحاكمة في مملكة المنتفق لاحقا). وسبب التوتر الذي حصل بينه وبين العثمانيين يرجع الى أن الدولة العثمانية أرادت أن تفرض ضريبة على بعض الأراضي الزراعية حول مدينة البصرة والتي تسيطر عليها مملكة المنتفق وتنتشر بها قبائلها ، إلا ان حاكم مملكة المنتفق الأمير الشريف عبدالله بن محمد رفض ذلك ولم يرى للعثمانيين أي حق بهذه المطالبات. وبعد مرور عدة سنوات على هذه المطالبات بدأ التوتر بين الطرفين ، وبدأت الدولة العثمانية بالتهديد بالتحرك العسكري ، وهو ما دفع حاكم مملكة المنتفق الأمير الشريف عبدالله بن محمد للتضييق على مدينة البصرة ونشر قواته حولها للدفاع عن أراضيه ، خصوصا بعد أن تأزمت العلاقة بينه وبين متسلمها (الحاج سليمان آغا). وأدرك والي بغداد عمر باشا حينها صعوبة موقف الدولة العثمانية لذلك قرر التحالف مع بريطانيا العظمى ضد مملكة المنتفق والقيام بعمل عسكري مشترك ، إلا أن طلب والي بغداد عمر باشا قوبل بالرفض من قبل المستر مور (الوكيل البريطاني في البصرة) الذي كانت تربطه علاقة جيدة بحاكم مملكة المنتفق ، والذي برر رفضه للطلب العثماني بأعذار متنوعه منها عدم قدرة السفن البريطانية الكبيرة على العمل بشكل فعال في مجرى نهر الفرات ، ثم صرح بعد ذلك بإحتمال احتلال حاكم مملكة المنتفق لمدينة البصرة وهو ما يجبره على البقاء على الحياد حفاظا على مصالح دولته في مدينة البصرة.



وكان الرحالة بارسونز (عام 1774م – 1188هـ) قد زار المعسكر الحربي لحاكم مملكة المنتفق الذي حاول العثمانيين التحالف مع بريطانيا العظمى ضده ووصف ضخامة هذا المعسكر. كما وصف بارسونز حاكم مملكة المنتفق الأمير الشريف عبدالله بن محمد بأنه أقوى أمير عربي على نهر الفرات وعلى الخليج العربي حيث كانت مملكة المنتفق تطل على الخليج العربي في المنطقة الواقعة ما بين مصب شط العرب وبلدة الكويت (التابعة لدولة بني خالد في تلك الفترة).


وكان هذا الحدث التاريخي في أحد فترات العصر الذهبي لمملكة المنتفق. حيث اتسعت مملكة المنتفق في عصرها الذهبي حتى شملت أكثر من نصف مساحة العراق. وتعتبر الأسرة الحاكمة في مملكة المنتفق أسرة السعدون (الأشراف) من الأسر العربية القليلة التي أستطاعت (تاريخيا) أن تجمع بين المشيخة القبلية وبين حكم الدولة في نفس الوقت. يتحدث عن مملكة المنتفق المؤرخ العثماني (المعاصر لها) محمد رشيد بن داود السعدي (البغدادي) ويصف اتساع الدولة في عصرها الذهبي .. ويوضح في كتابه بأن أسرة السعدون (الأشراف) هي أبرز أسرة حاكمة ظهرت في العراق بعد العباسيين وأنها قد جمعت بين حكم الدولة في مملكة المنتفق ومشيخة المشايخ في اتحاد المنتفق القبلي بنفس الوقت.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.