ننقل هنا نص تاريخي
من تقرير ميداني أعدته لجنة ميدانية عثمانية زارت العراق وأستغرقت رحلتها أربع سنوات
في الفترة (1848م – 1852م). وهذه اللجنة العثمانية كانت بقيادة خورشيد (باشا) الذي
أصبح واليا لأنقرة لاحقا. ويشير هذا النص من التقرير إلى كثرة القلاع في مملكة المنتفق
وانتشارها لمسافة تقارب الأربعمائة كيلومتر على طول ضفتي نهر الفرات وشط العرب (من
شمال السماوة وحتى مصب شط العرب في الخليج العربي). كما يشير هذا النص من التقرير الى
أن عدد بيوت السماوة (أحد حواضر مملكة المنتفق) أقل من نصف عدد البيوت في مدينة سوق
الشيوخ (عاصمة مملكة المنتفق). ويذكر هذا النص من التقرير بعض القرى في مملكة المنتفق
وهي: الشطرة وطالبة وغليظة.
ويتضح من التقرير
قوة سلطة الأسرة الحاكمة في مملكة المنتفق أسرة السعدون (الأشراف) وسيطرتها وحمايتها
(تحصينها) لأكثر من أربعمائة كيلومتر من أخصب مناطق العراق الزراعية والتي تمتد على
جانبي نهر الفرات وجانبي شط العرب (النهر المتكون من التقاء نهر دجلة بالفرات). وكانت
هذه الأراضي الزراعية تشكل (تاريخيا) شريانا حيويا يمر في قلب مملكة المنتفق ومصدرا
مهما من مصادر الاقتصاد في مملكة المنتفق. و الخريطة التالية توضح انتشار هذه القلاع
التي وصفها خورشيد باشا واللجنة المرافقة له في تقريرهم.
وكانت مملكة المنتفق
قد اتسعت في عصرها الذهبي (الممتد لقرنين من الزمان تقريبا) حتى شملت أكثر من نصف مساحة
العراق. وتعتبر الأسرة الحاكمة في مملكة المنتفق أسرة السعدون (الأشراف) من الأسر العربية
القليلة التي أستطاعت (تاريخيا) أن تجمع بين المشيخة القبلية وبين حكم الدولة في نفس
الوقت. يتحدث عن مملكة المنتفق المؤرخ العثماني (المعاصر لها) محمد رشيد بن داود السعدي
(البغدادي) ويصف اتساع الدولة في عصرها الذهبي، كما يوضح بأن أسرة السعدون (الأشراف)
هي أبرز أسرة حاكمة ظهرت في العراق بعد العباسيين وأنها قد جمعت بين حكم الدولة في
مملكة المنتفق ومشيخة المشايخ في اتحاد المنتفق القبلي بنفس الوقت.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.